عندما يتحول الانتقام إلي متعة في كرة القدم
حسن خلف الله
لم يكن فوز برشلونة بهذه النتيجة الكبيرة5/ صفر علي منافسه التقليدي ريال مدريد في الكلاسيكو الإسباني ليأتي من فراغ, بل نتاج درس جيد في فنون كرة القدم.
وذلك من خلال التمريرات الجيدة التي بلغت إحصائياتها684 تمريرة والانتشار الجيد في رقعة الملعب الذي منح استحواذا لبرشلونة بنسبة67%,واللمسات الفنية العالية التي جعلت ليلة الاحتفال طويلة لبرشلونة وصامتة حزينة في ريال مدريد لأنه كان من الصعب علي لاعبيه خارج الملعب أن يفسروا بالكلام ما عجزوا أن يظهروه بالكرة داخله.
لقد كانت ليلة أمس الأول الأكثر دفئا لجماهير برشلونة وسط الليالي الباردة, ليلة تحول فيها الانتقام إلي متعة في كرة القدم, فقد عاشت كامب نو ليلة سيتذكرها التاريخ, تمكن خلالها رجال جوارديولا من البقاء علي وفائهم تجاه طريقة لعبهم بلمسات جميلة ولعب جماعي وسرعة, أمام منافس تقليدي يقوده شخص مغرور يعشق الكبرياء, ولم يكن بمقدور لاعبيه رفض الكرة أو قبولها, لأنهم لم يروها أساسا طيلة المباراة, فكانت الخسارة الأكبر لمدربهم مورينيو, لأنه لم يسبق لفريق دربه أن خسر بهذه النتيجة صفر/5, وقد لا تعكس الأرقام دائما ما يحدث, إلا أن رفع مورينيو ـ الذي جلس علي دكة البدلاء ـ راية الاستسلام اعتبارا من الدقيقة57 مع احراز برشلونة هدفه الرابع, كان بمثابة الانتقام وأكبر رد لجوارديولا( بطل المباراة) علي مورينيو الذي حرمه من لقب دوري أبطال أوروبا في أبريل الماضي.
لقد قدم برشلونة مباراة للتاريخ, وأبدع جوسيب جوارديولا المدير الفني في اعداد لاعبيه للمباراة من خلال اجرائه تعديلا في أسلوب أداء ليونيل ميسي الذي تحول من مهاجم صريح مهمته تسجيل الأهداف, إلي صانع ألعاب والقائد في الملعب, مهمته إهداء الفرص لزملائه المنطلقين من الخلف, وهي مهمة أثمرت عن صناعة3 أهداف إلي جانب تسديدة له تصدي لها القائم الأيمن لكاسياس حارس الريال, وأبعد جوارديولا ميسي في هذه المباراة عن حصار المدافعين ولعب بدون مهاجم صريح داخل منطقة المنافس, فظهر دفاع الريال تائها لأن كل القادمين أصبحوا مهاجمين!!
في المقابل لم يكن مورينيو المدير الفني لريال مدريد في يومه, وارتكب أخطاء في إدارة المباراة أبرزها عدم غلق المنطقة بين مدافعيه بيبي وريكاردو كارفالهو, وعدم فرض ستارة علي تحركات ميسي خارج منطقة الـ18, وهو ما يذكرنا بالخطأ الذي وقع فيه حسام البدري قبل أيام أمام الإسماعيلي وتسبب في خسارة الأهلي بثلاثية في الإسماعيلية!!
وساعد علي انهيار الريال سوء حالة لاعبي الارتكاز لديه سامي خضيرة وتشابي ألونسو فهما خط الدفاع المتقدم الذي لم يساند أو يقوم بدوره, وهو يعطي مثالا مصريا أيضا حين تحدث البعض عن أن خسارة الأهلي بدأت من الوسط أيضا بسبب وجود حسام غالي, والمعتز اينو اللذين لم يكن يومهما وقتها, وهذا لتقريب الصورة فقط مع الفارق بالتأكيد.
وساهم أيضا في خسارة الريال ذلك الانهيار الذي أصاب كريستيانو رونالدو ومسعود أوزيل اللذين فشلا في بناء هجمة واحدة منظمة علي مرمي برشلونة, وفقد الفريق وعيه وجماعيته وانطلاقاته في الوقت الذي أجاد فيه جوارديولا استغلال الأجنحة وتحول الجناح إلي رأس حربة وهو الدور الذي أتقنه الثنائي ديفيد فيا وبيدرو اللذان سجلا3 أهداف من انفرادات تامة بمرمي الريال, وكانت بداية تحركاتهما هي اللعب كجناح, ثم التحول سريعا عكس اتجاه الكرة.
بالفعل كانت خسارة ثقيلة للريال, وتحليلها يحمل كلمات كثيرة وإحصائيات عديدة وجهت الصحافة الأسبانية بأقلامها لتكتب عنها الكثير, فمنها من هلل لبرشلونة ومنها من ندب حظ الريال, فالبعض رآها صفعة كبيرة لمورينيو كما قالت صحيفة سبورت الكتالونية, أما صحيفة الموندو فوصفتها بتحفة فنية علي ملعب الكامب نو.
أما في صحف مدريد فكان عنوان الماركا: برشلونة يسحق الريال ويلقنه درسا كرويا.. في حين كتبت صحيفة آس المدريدية علي صدر صفحتها الأولي بأنها صفعة للتذكير يامدريد وذلك بعد سقوط المدرب الأكثر كرها في برشلونة بهذه النتيجة الثقيلة, بينما تم منع جميع لاعبي ريال مدريد من التحدث لوسائل الإعلام بعد الخسارة.. وكأنهم في مصر!